بعض البشر /بقلم الهام العبيدي

بعض البشر أختاروا أن يكونوا مشروع عطاء دائم فخسروا حياتهم  ...
                                      الهام العبيدي

كان الشارع مكتظ بالناس فهو شهر رمضان المبارك وأعتادت الناس الخروج من منازلهم مساءا للتنزه والتبضع فجو بغداد رائع وقت ألمساء، كانت فرحة بما تراه تتنقل بنظراتها بين المحلات تارة، وبين الناس تارة اخرى، فهي تنشد راحة البال والسعادة وترى ذلك في سعادة من حولها فالطاقة الايجابية تنتقل بين الأشخاص كسرعة البرق، أستوقفتها فاترينة أحدى ألمحلات فهي تعرض أجمل موديلات ملابس ألاطفال وبألوان زاهية تجلب ألسعادة لمن يراها، وبينما هي كذلك وأذا بصوت يأتي من خلفها سهام ..! هل أنت سهام..؟سمعت صوته ولم تصدق ماسمعته أذنيها،وخافت أن ألتفت للرد فربما تتفاجأ بأنه وهم من صنع خيالها وتصحو من هذا ألحلم ألجميل، ولكن النداء تكرر سهام أولست سهام...!؟ وهنا تأكدت بأن ماتسمعه ليس وهما أو خيال بل هو حقيقه لا محال فلتفت فأذا به هو نفسه، نعم تغير قليلا بفعل ألزمن أبيض ألشعر، ونحف قليلا ألا أن ملامحه ذاتها لم يتغيير شيئ منها أنه حبيب عمرها عماد، بهذه اللحظه عم الصمت بينهما ويده تصافح يدها، وكأنما عاد بهما ألزمن ألى أكثر من خمسة عشر عاما. في هذه ألأثناء عادت ذاكرتهما ألى أول لقاء بينهما وكيف تعرفا على بعضهما بعد أن تم تعينها بشهادة الثانويه معه في نفس الوزارة وكيف أحبها حب لانظير له، وكيف أن جميع زملاءهم كانوا يحسدونهما على هذا الحب ألأسطوري، وكيف كانت تشعر بقدومه من السفر دون أن يكون لديها علم بموعد عودته ألا أنها تشعر بخطواته وكان الجميع يستغرب منها عندما يجدونه واقف أمامهم، رغم عدم وجود وسائل الأتصال الحديثة في ذلك الوقت فقط ألهواتف الأرضية، وعندما يسألوها كيف عرفت بقدومه ترد عليهم مبتسمة قلب الأم فيضحك الجميع ،وكيف كان يشعر بقدومها عندما تقطع أجازتها ويقول لهم اقتربت سهام، وفعلا يتفاجأوا بوجودها وعندما يسألوه كيف عرف بقدومهايرد مبتسما أشم عطرها يهز كياني، هكذا كانت علاقتهما قوية، ألجميع كان يقف معهم لحبهم ألطاهر ألا والدها ووالده فبينهما عداوة لا أحد يعرف سببها فوالدها يقول لا أحد يصلح لابنتي فهي ذهب وأريد لها زوج ذهب مثلها،  فلم يوافق على زواجهما، وتعاهدا أن لايفرقهما ألا الموت،  وبقي حبهما صامد ست سنوات ويزداد يوما بعد يوم ،وفي يوم تفاجأت وهي تقرأ البريد الخاص بقسمها بورقة عقد قرآنه على جارتهم التي كانت تطارده وهو يرفضها،فصدمت، لم تبكي وقتها ،لم تسقط مغشيا عليها، لم تموت، مثلما كانت تتصور في مخيلتها لا لم تفعل كل ذلك، ألتزمت ألصمت، وجلست على أقرب كرسي وعندما دخل باركت له أمام ألجميع فدهش ألكل، نظرت لصديقاتها وهن يبكين بصوت عالي من شدة التأثر. وزملائها أجتمعوا حوله غير مصدقين الخبر بعضهم يحسبها مقلب وبعضهم يريد ضربه ،وهي ترى كل ذلك أمامها فخافت أن تبكي ويشمت بها، لذا أمسكت حقيبتها وخرجت من الوزارة مسرعة وحاولت الصعود في ألتكسي فأذا بها تراه يركض خلفها، وأصدقائه خلفه، فطلب
ت من صاحب التكسي الأسراع للمنزل، ولم تعد من وقتها، وأرتحلت مع عائلتها ألى مدينة بعيدة، وبقت تتابع أخباره فقد أصبح أب لثلاثة أبناء، وهنا أنتبهت، لسؤاله، كيف حالك، هل تزوجتي، ماهي أخبارك، وهنا كان يجب عليها أن ترد على أسألته، فقالت له أنا بخير تزوجت ولدي خمسة أبناء فأبتسم لها كونه أطمئن عليها، وهنا أشارة الى داخل المحل، أترى ذلك الرجل مع الأطفال ،أنه زوجي وأطفالي، جئنا للتبضع وخرجت من المحل لأختار من فاترينة المحل هذا الفستان لأبنتي كونه القطعة الوحيدة المتبقية لديهم، وهنا تغيرت ملامحه ودعها وسار مسرعا لا يعرف ألى أين... ودخلت المحل و هي تدعوا ربها أن يتأخر الرجل وأطفاله الذي أشارت أليه في ألبقاء داخل المحل حتى يبتعد عماد ولا يراها تخرج لوحدها،أما عماد فقد أغرورقت عيناه بالدموع لأنه عرف بأنها مازالت باقية على عهدها له لأن من أشارة له هو صديقه والاطفال هم اطفاله تركهم مع صديقه وخرج من ألمحل ليركن سيارته في موقف السيارات ..

الهام العبيدي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رجاء 2019//بقلم فؤاد الفائشي

سأسكت /بقلم محمد احمد

على مثلك. فلتبكي البواكي/بقلم خديجة شعيب