وردة اب. /بقلم محفوظ فرج

وردة آب 1

استيقظتُ الصبحَ
 على عجلٍ  و تأخَّرتُ عن الموعد
كانَ على الدربِ حديقتُنا
فرأيتُ وريدةَ جوريٍّ مُتَفَتِّحَةً باستحياء
وحينَ عبرتُ رجعتُ إليها
وكأنّي أشعرُ ما فيها
من ألمٍ ومكابدةٍ
في أجواءٍ لا تُحسَدُ فيها
الغصنُ تحسُّ بأنَّ الكأسَ
والاوراقَ الحمراءَ المطعونة
بالصفرة
ثقلٌ لا يقوى أنْ يحمِلَهُ
الأوراقُ الحمرُ المفتَرَّةُ
حولَ الكأسِ
 ليستْ متساويةَ الطولِ
منها المُتَراخي
ومنها المقصوصُ
ومنها الرافضُ لا يَتَقَبَّلُ أنْ يلقاه الناظرُ
 في الشكلِ الشاحب
سألتُ الوردةَ :
ماذا غَيَّرَ حالَكِ هذي السنة ؟
وكنت بآب تتحدين لهيبه
في كلِّ خريفٍ أُطْلِعُ نوراً
عن سرِّ جمالِكِ
وأصَوِّرُ فِتْنَتِكِ الأزَلِيّة
قالتْ : الآبُ الكورونيُّ
يغذِّي الأرجاءَ بحزنٍ لا محدود
وأنا يحزنُنِي مَنْ رحلوا في عمرِ الوردِ
فَلِمَنْ يَتَوَرَّدُ خدّي
وَلِمَنْ أتَنَفَّسُ عطري
مادامتْ سنةُ الألفينِ وعشرينَ فراقٌ ووداع
حتّى الأحياءُ تَرَهَّلَ خيطُ الوصلِ بهم
ما عادوا مثلَ الأوَّلِ
جَفَّتْ كلُّ مشاعرِهِمْ
حتى نورٌ مَنْ كنتَ تُحَدِّثُني عنها 
لم تسألْ عنكَ
قلتُ : صدقتِ ففي كلِّ خريفٍ
تَتَراصَفُ أشكالاً من ألوانِ الجوريِّ
بكلِّ شذاها
وتناشدُني في اللاوعي
بعقدِ مقارنةٍ
بين الأوراقِ وخدّي نورٍ
 بين عبقِ اليسمينِ وتنهيدتِها
بين دبابيسِ الورد وبسمتِها
وفي كلِّ الأحوال
مهما كان العرشُ العالي
 لأميرتِكَ الحسناء
في عينيها المغريتين
والخدِّ المتورِّدِ
وجمالِ الشفتينِ
والشعرِ السارحِ فوق الكتفين
هي تحملُ
أفكاراً
أهواءً
نزواتٍ
تتقلَّبُ في حكمِ مرورِ الأيّام
والوانِ ثقافتها
هي لا تتعاملُ في الحبِّ
كما يتعاملُ وردُ البستانِ
مع الانسان
الوردُ يتيهُ
جمالاً
شكلاً
رائحةً
بحميمية
ببراءة
الملكُ والسوقةُ في قاموسِه
سيان
 لا يملكُ في بثِّ العَبَقِ الذاكي
أيَّ نوايا
لا يرجو من أحدٍ إطراءً
أو كلماتِ ثناء
هو يرجو الله بجميعِ الاسماء
قد تنقلُ بعضُ فراشاتِ الحقلِ
إليهِ رسائل للتسبيح
أو ينقلٌ عصفورٌ خبراً
عن حالِ الطيرِ
أو الأزهار
أو يبلِغُهُ الماءُ إذا عجزَ السقيُ
بأنْ يدرأَ عنهُ ذبولَه
يقولُ لهُ : شاءَ اللهُ لكَ قَدَرَاً
ليسَ لهُ أنْ يَتَقَدَّمَ أو يتأخَّرَ
فقلْ :  حمداً لله
عسى الأيامُ تدورُ ويكونُ لحُسنِكَ
عَوْدٌ فالذَرُّ  له مرسى
والتربةُ تجَدّدُ فيها دجلةُ
القدرةَ كي تعطيَ جَذرَ حياةٍ
أخرى

د. محفوظ فرج
٢٨ / ٨ / ٢٠٢٠ م
٩ / محرم /١٤٤٢

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سأسكت /بقلم محمد احمد

رجاء 2019//بقلم فؤاد الفائشي

على مثلك. فلتبكي البواكي/بقلم خديجة شعيب