سراب /بقلم رشدي الخميري
سراب٩
دأب سمير على ذلك السّلوك السّويّ سواء كان ذلك في تصرّفاته كصديق او كتلميذ . كانت عائلته الّتي تؤويه فرحة به وتشجّعه حتّى أنّ أباه كان يزوره بين الحين والآخر في المعهد ليطمئنّ عليه من جهة وليعلي من شانه من جهة بين زملائه من جهة أخرى إذ يكفي أن يرى النّاس انسجامهما وطريقة التّعامل الرّاقية بينهما حتّى يقدّروا سميرا ويحظى لديهم بالاحترام وإعلاء الشّأن خاصّة لمن يعانون مشكلة تواصل داخل عائلاتهم. خارج المعهد كان سميرا يختار وجوها معيّنة ليتصاحب معهم اثناء العودة إلى المنزل. لم يكن هذا الانتقاء بالنّظر إلى المال أو الجمال او الهندام بل للسّلوك المتّزن والقدرات الّتي يملكها ذلك أو تلك. واستمرّ سمير على هذا دون أن يشعر الآخرين من دون أصحابه حتّى خلق لنفسه مجموعة قد تكون الأنجب في المعهد والأكثر هدوءا ودماثة أخلاق وبذلك بدأ في تأصيل جديد صنعه لنفسه وقد يكون فرضه على نفسه ليبني له نهجا صحيحا في حياته او هكذا يزعم .لكنّ ذلك لم يعن أبدا أنّه اعتزل البقيّة من زملائه الجدد او حتّى القدامى من السّوق أو دار الشّباب فلكلّ من اولئك مقاما يلتقي فيه معهم وهم فعلا أصدقاؤه وعلاقاته بهم وطيدة حتّى بعد دخوله المعهد للدّراسة.
في يوم من أيّام الدّراسة زاره أبوه وهو يتّقد غضبا وحتّى مقابلته بسمير كانت قصيرة اتجه على إثرها سمير ووالده بالتبنّي ليطلب إذنا بالمغادرة من إدارة المعهد لأمر عاجل. هذه الزّيارة وبالشّكل الّذي تمّت به أحرجت الشّاب وكان يريد قراءة ردّة فعل زملائه من خلال عيونهم أو إشاراتهم لكنّه لم يظفر بشيء يهدّئ من روعه فذهب مع متبنّيه يحمل معه تساؤلات حول ما قد ذهب في أذهان خاصّة من حوّطهم به ومقرّبيه.
في طريقهم نحو مكان لا يعرفه سوى الأب كانا يتناقشان وبحدّة وبدا أنّ سمير في ورطة والأب يريد مأتاها أو ماهي في حين كان سمير يريد أن يفسّر شيئا ما او ينفي عن نفسه أيّ خطإ قد يذهب في ذهن الأب أنّ ابنه ارتكبه ولم يتوقّفا عن ذلك الحوار إلاّ أمام مركز الشّرطة حيث تقدّم الأب عن ابنه وتواصل مع عون تكفّل بادخاله إلى رئيس مركز الشّرطة فهو في انتظاره مصحوبا بابنه. دخلا وطال مكوثهما ولمّا خرجا كان الأب يقبّل ابنه من رأسه مرّة ومن خدّيه ليتوقّفا من حين لآخر فيتبادلا الحديث والضحكات ثمّ يسترسلا في السّير حتّى وصلا إلى المعهد وهناك كانت المفارقة عكس اللّقاء حين جاء الأب ليصطحب سمير معه إلى حيث لم يعلم أحد. وإن كان هناك من سيذهل هنا فالتّلاميذ هم الّذين سيذهلون. وإن كان هناك من سيتوه في أمره فكلّ من كانت عينه على سمير حين جاء متبنّيه ليأخذه من المعهد و كلّ من تابع تلك الطّريقة الّتي خاطبه بها ثمّ حين عاد به من حيث أخذه وكيف كان يعانقه ويودّعه وكأنّه سيغيب عنه لفترة طويلة..فطالما لا يعرفون ما حصل مع بطلي هذه المتاهة فسوف تبقى أسئلتهم معلّقة..
رشدي الخميري / جندوبة / تونس
دأب سمير على ذلك السّلوك السّويّ سواء كان ذلك في تصرّفاته كصديق او كتلميذ . كانت عائلته الّتي تؤويه فرحة به وتشجّعه حتّى أنّ أباه كان يزوره بين الحين والآخر في المعهد ليطمئنّ عليه من جهة وليعلي من شانه من جهة بين زملائه من جهة أخرى إذ يكفي أن يرى النّاس انسجامهما وطريقة التّعامل الرّاقية بينهما حتّى يقدّروا سميرا ويحظى لديهم بالاحترام وإعلاء الشّأن خاصّة لمن يعانون مشكلة تواصل داخل عائلاتهم. خارج المعهد كان سميرا يختار وجوها معيّنة ليتصاحب معهم اثناء العودة إلى المنزل. لم يكن هذا الانتقاء بالنّظر إلى المال أو الجمال او الهندام بل للسّلوك المتّزن والقدرات الّتي يملكها ذلك أو تلك. واستمرّ سمير على هذا دون أن يشعر الآخرين من دون أصحابه حتّى خلق لنفسه مجموعة قد تكون الأنجب في المعهد والأكثر هدوءا ودماثة أخلاق وبذلك بدأ في تأصيل جديد صنعه لنفسه وقد يكون فرضه على نفسه ليبني له نهجا صحيحا في حياته او هكذا يزعم .لكنّ ذلك لم يعن أبدا أنّه اعتزل البقيّة من زملائه الجدد او حتّى القدامى من السّوق أو دار الشّباب فلكلّ من اولئك مقاما يلتقي فيه معهم وهم فعلا أصدقاؤه وعلاقاته بهم وطيدة حتّى بعد دخوله المعهد للدّراسة.
في يوم من أيّام الدّراسة زاره أبوه وهو يتّقد غضبا وحتّى مقابلته بسمير كانت قصيرة اتجه على إثرها سمير ووالده بالتبنّي ليطلب إذنا بالمغادرة من إدارة المعهد لأمر عاجل. هذه الزّيارة وبالشّكل الّذي تمّت به أحرجت الشّاب وكان يريد قراءة ردّة فعل زملائه من خلال عيونهم أو إشاراتهم لكنّه لم يظفر بشيء يهدّئ من روعه فذهب مع متبنّيه يحمل معه تساؤلات حول ما قد ذهب في أذهان خاصّة من حوّطهم به ومقرّبيه.
في طريقهم نحو مكان لا يعرفه سوى الأب كانا يتناقشان وبحدّة وبدا أنّ سمير في ورطة والأب يريد مأتاها أو ماهي في حين كان سمير يريد أن يفسّر شيئا ما او ينفي عن نفسه أيّ خطإ قد يذهب في ذهن الأب أنّ ابنه ارتكبه ولم يتوقّفا عن ذلك الحوار إلاّ أمام مركز الشّرطة حيث تقدّم الأب عن ابنه وتواصل مع عون تكفّل بادخاله إلى رئيس مركز الشّرطة فهو في انتظاره مصحوبا بابنه. دخلا وطال مكوثهما ولمّا خرجا كان الأب يقبّل ابنه من رأسه مرّة ومن خدّيه ليتوقّفا من حين لآخر فيتبادلا الحديث والضحكات ثمّ يسترسلا في السّير حتّى وصلا إلى المعهد وهناك كانت المفارقة عكس اللّقاء حين جاء الأب ليصطحب سمير معه إلى حيث لم يعلم أحد. وإن كان هناك من سيذهل هنا فالتّلاميذ هم الّذين سيذهلون. وإن كان هناك من سيتوه في أمره فكلّ من كانت عينه على سمير حين جاء متبنّيه ليأخذه من المعهد و كلّ من تابع تلك الطّريقة الّتي خاطبه بها ثمّ حين عاد به من حيث أخذه وكيف كان يعانقه ويودّعه وكأنّه سيغيب عنه لفترة طويلة..فطالما لا يعرفون ما حصل مع بطلي هذه المتاهة فسوف تبقى أسئلتهم معلّقة..
رشدي الخميري / جندوبة / تونس
تعليقات
إرسال تعليق